الأربعاء، 26 مايو 2010

احمد لطفى السيد

احمد لطفى السيد
يُعد واحداً من أفصح المتحدثين وانبغ المفكرين الذين وجدوا في النصف الأول من القرن العشرين، ساهم في تقديم نموذجاً من الصحافة الحديثة في مصر ولعب دوراً سياسياً فعالاً في أحرج فترات التاريخ الحديث لمصر. وُلد أحمد لطفي السيد في 15 يناير 1872 في قرية "برقين" التابعة لمحافظة الدقهلية بمصر، ونشأ في أسرة على جانب من الثراء؛ فعُني أبوه بتعليمه، فألحقه بكُتاب القرية، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة المنصورة الابتدائية عام 1882، وبعد ثلاث سنوات من الدراسة انتقل إلى القاهرة، والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، وظل بها حتى أتم دراسته الثانوية في 1889، ثم التحق بمدرسة الحقوق التي تخرج منها في 1894، وبعد مرور ثلاث سنوات حصل على الدكتوراه. بعد حصوله على ليسانس الحقوق عمل بالنيابة، وتدرج في مناصبها حتى عُين نائباً للأحكام بالفيوم عام 1904، وظل بها حتى ترك العمل بالقضاء في 1905، فاشتغل بالمحاماة، ثم لم يلبث أن ضاق بها؛ فتركها إلى العمل بالصحافة والسياسة. بعد أن ترك أحمد لطفي السيد العمل الحكومي اشترك مع جماعة من أعيان مصر في تأسيس حزب الأمة سنة 1907، وتولى هو سكرتارية الحزب، ورأس صحيفته المعروفة باسم "الجريدة"، وقد استمرت رئاسته للجريدة سبع سنوات وبضعة أشهر توقفت بعدها تماماً؛ وكانت سياسة الجريدة تقوم على الدعوة إلى فكرة "مصر للمصريين"، ومهاجمة الجامعة الإسلامية التي كان يدعو إليها السلطان عبد الحميد الثاني. بعد إغلاق الجريدة عُين أحمد لطفي السيد مديراً لدار الكتب خلفاً لمديرها الألماني الجنسية، فانفسح الوقت له، فترجم بعض أعمال أرسطو، ودعا إلى ترجمة الكتب الأخرى، وندب من وثق بهم للاضطلاع بنقل الثقافة الغربية إلى العربية، ويُذكر له أنه في أثناء عمله بدار الكتب أنشأ مجمعاً لغوياً عُرف باسم "مجمع دار الكتب"، غير أن هذا المجمع الوليد لم تطل به الحياة، فانطوت صفحته بعد عام من إنشائه. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1918، استقال أحمد لطفي السيد من دار الكتب، واشترك مع سعد زغلول وعبدالعزيز فهمي وعلى شعراوي وغيرهم في تأليف وفد للمطالبة بالاستقلال، وكان من شأن المطالبة أن نُفي سعد زغلول ورفيقاه إلى خارج البلاد، وظل أحمد لطفي السيد في القاهرة يحرر بيانات الوفد ومذكراته، وتطور الأمر إلى رضوخ بريطانيا للتفاوض، وتشكلت وزارة حسين باشا؛ فأفرجت عن الزعماء المنفيين، وسافر لطفي السيد مع الوفد المصري إلى باريس، لعرض مطالب مصر على مؤتمر السلام المنعقد في فرساي. اعتزل أحمد لطفي السيد العمل السياسي.. عقب اشتعال الخلاف بين رئيس الوزراء آنذاك مع سعد زغلول على رئاسة المفاوضات، فعاد إلى العمل بدار الكتب مديراً لها حتى مارس 1925، قبل أن يعين مديراً للجامعة المصرية بعد أن أصبحت حكومية، وفي عهده اتسعت الجامعة؛ كما قبلت الجامعة سنة 1929 أول مجموعة من الفتيات للالتحاق بها، وكان ذلك مأثرة له في سبيل النهوض بالمرأة، والمحافظة على حقها في التعليم. ظل أحمد لطفي السيد مديراً للجامعة حتى استقال منها في 1941، بعد أن اطمأن إلى أوضاعها، كما اشترك في وزارة إسماعيل صدقي سنة 1946 وزيراً للخارجية وعضواً في هيئة المفاوضات بين مصر وبريطانيا، غير أنها فشلت، فخرج لطفي السيد من الوزارة، ولم يشترك بعد ذلك في أعمال سياسية أخرى. تولى أحمد لطفي السيد رئاسة مجمع اللغة العربية بالقاهرة في عام 1945، وظل يشغله حتى وفاته، كما كان عضواً في كثير من المجامع العلمية، مثل المجمع العلمي العراقي، والمجمع العلمي المصري، والجمعية الجغرافية المصرية. كرمته الدولة؛ فنال جائزتها التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1958. توفي أحمد لطفي السيد في عام 1963 وقد تجاوز التسعين من عمره، بعد أن وقف نفسه على الإصلاح والتجديد ستين عاماً أو يزيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق