الثلاثاء، 25 مايو 2010

على الراعى

على الراعى
يُعد د. على الراعي نموذجاً فذاً، ليس فقط للناقد الأدبي، ولكن للناقد الثقافي عموماً، الذي يلم بحقول معرفية ذات طابع موسوعي، فهو إلي جوار موقفه الاجتماعي المنحاز للشعب والموصول بالحرية والاستنارة والعقلانية كانت كتاباته كلها مثالاً علي "البساطة العميقة" والرغبة العارمة في توسيع دائرة الثقافة إلي نطاق أبعد من دائرة النخبة الضيقة. وُلد في محافظة الإسماعيلية في عام 1920 في بيئة كانت تعيش فيها العديد من الجنسيات المختلفة التي تعايشت مع بعضها البعض، الأمر الذي ساعده في صنع صداقات مع أناس شتى مهما اختلفت أديانهم أو اتجاهاتهم السياسية. انتقل الراعي إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة عام 1939 ثم تخرج منها عام 1944، وحصل على منحة دراسية في جامعة برمنجهام حيث حصل على درجة الدكتوراه في موضوعه برنارد شو. وطالما أن الهدف الاسمي للمثقف الحقيقي كما جسّده علي الراعي هو تثقيف الشعب وتعميق وعيه وإثراء ذائقته، فإن اختيار الأسلوب الذي يوجه به خطابه لا يقل أهمية عن الهدف ذاته، لهذا اختار علي الراعي في كتاباته طريق البساطة الأثرة والعمق الشديد بعيداً عن التقعر بالمصطلحات والمفاهيم الغامضة واللغة الأنانية المحتفية بنفسها. عمل الراعي كمقدم برامج في الإذاعة المصرية وقام بتدريس الأدب المعاصر في كلية الآداب جامعة عين شمس. كما شغل رئاسة هيئة الموسيقى والمسرح التي كانت تتبع وزارة الثقافة والمسئولة عن المعاهد الفنية للوزارة، وكان من ضمن إسهاماته إنشاء أول فرقة شعبيه وعدداً من الفرق الموسيقية. في عام 1968 قدم الراعي استقالته في العديد من المناصب الحكومية لكي يتمكن من متابعة مهنة الكتابة، حيث ألف اثني عشر كتاباً عن المسرح وترجم كتباً كثيرة لمشاهير الكتاب العالميين مثل تشيكوف وابسن. وفي عام 1973، سافر إلى الكويت لتدريس الدراما المعاصرة وعاد في عام 1982 ليلتحق بمجلة روزاليوسف ثم بعد ذلك مجلة المصور ثم بدا يكتب إلى جريدة الأهرام. كتب الراعي للمسرح حوالي 51 كتاباً واتخذ من النقد رسالة وطنية واجتماعية، وانحاز إلي الفن الجميل الذي يحمل الفكرة العميقة دون تجهم، ويحافظ علي الهوية الثقافية دون انغلاق علي الذات، ويفتح الباب للتجريب، والانفتاح علي ثقافات العالم. وفي مجال القصة والرواية ترك حصاداً كبيراً واستطاع أن يشد قارئ "الأهرام" إلي الأعمال الأدبية والمواهب الجديدة التي يكتب عنها، ففي مقالته الأسبوعية بالأهرام كان القارئ يستطيع أن يري النقد، ويري النص، ويضع أصابعه علي مواطن الفرح والجمال فيه، ويسعد بالأضواء الباهرة التي يسلطها الكاتب علي البراعم والزهور الأدبية التي تتفتح. حاز الراعي على جائزة الدولة التقديرية وجائزة التقدم العلمي الكويتية. يُعد 18 يناير 1999 هو يوم الختام للدكتور على الراعي الشخصية المصرية العريقة في مجال المسرح، الذي اثري التراث الثقافي والأدبي المصري بكتاباته التي لا تقدر بمال في مجال السياسة والمسرح والنقد، فكان له فكره بان للأدب دور اجتماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق